التعليم الجيد وٌجد لأبناء الفرنسيين
شكل الدخول المدرسي بعد الاستقلال بثلاثة أشهر أكبر تحدّ للجزائر، بحكم نقص الأموال والأساتذة .. فكل الفرنسيين غادروا والذين بقوا تم إيقاف رواتبهم ، فقد قامت الجزائر باستدعاء كل جزائري يعرف القراءة والكتابة للمشاركة في عملية التدريس ومحو الأمية التي تركتها الإدارة الاستعمارية والتي خلفت 99 بالمائة أمي، حسب شهادة المجاهد صالح قوجيل ل»الشعب ويكاند «.
تشير بعض التقارير العسكرية الفرنسية أن الجزائریین كـانوا یحسـنون القـراءة والكتابة ،وكان في كل قریة مدرستان اثنتان ، وهذا ما لاحظه الجنـرال فـالازي سنة 1834.
عملت إدارة الاحتلال الفرنسي منذ وطأت أقدامها أرض الجزائر على محاربة اللغة العربية وثقافة وديانة المجتمع الجزائري، وأولى المؤسسات التي استهدفتها هي المدارس والزوايا والمساجد، حيث تشير بعض التقارير العسكرية الفرنسية أن الجزائریین كـانوا یحسـنون القـراءة والكتابة ،وكان في كل قریة مدرستان اثنتان ، وهذا ما لاحظه الجنـرال فـالازي سنة 1834. وهو ما لم يرق للاستعمار.
ترددت أعداد كبیرة من الجزائریین على المؤسسات التعلیمیة للتفقه فـي أمـور الـدین والـدنیا، فالتعلـیم بالنسبة لهم مسـؤولیة اجتماعیـة، وأول ما عمد إليه الاستعمار الفرنسي في الجزائر مطاردته لعلمائها و تشریدهم ، و هــاجر آخرون و هـدمت كثیـر مـن الكتاتیب والزوایا.
بعد عشرین سنة مضت على احتلال الجزائر فكرت الإدارة الفرنسیة على تنظـیم التعلیم الفرنسي للأهالي الجزائریین ،حيث أنشأت في بعض المدن الجزائریة ما عـرف بالمدارس العربیة الفرنسیة ،وقد تكونت هـذه المدارس مــن قسـم واحـد للتعلیم كان یتداول علیها معلمان أحدهما للعربیــة وهو جزائري و الأخر فرنسي.
ولعل أحلك فترة بالنسبة للتعلیم الفرنسي الرسمي ما بین سنتي( 1870 – 1880م )، فخلال السنة الأخیرة يلاحظ تقلص ملحوظ لعدد المدارس من 38 مدرسة إلى 16 مدرسة،وكذلك معه عـدد التلامیذ الذي ضبط من 13000 إلى 3172 تلمیذا ،كما أن خصوصیة التعلیم الفرنسي وجد أساسا لتعلیم أبناء طبقة معینة القیاد» الباشاغوات» الإقطاعیین، والتجار ،والموظفین في الإدارة الفرنسیة و المتعاملین ، فـالتعلیم الفرنسي في الجزائر لم یمس الطبقات الشعبیة إلا نادرا، و تميز الوضع التربوي للجزائر بانخفاض مستوى التمدرس عند الجزائریین بإنتشار الجهـل، وخاصة بین الطبقات المحرومة في الأریاف والمداشر والقرى.
وحسب المؤرخين فإن النظام التربوي للاستعمار الفرنسي في الجزائر وجد لإعطاء تعلیم جـاد ونـاجح لأبنـاء المستوطنین الأوربیین ، فالمدرسة الفرنسیة وجدت بفرنسا وفروعها في الجزائر وعرف عندهم التعلیم الأول أي ((أ )) أما التعلـیم الثاني ((ب)) فهـو خاص بالأهالي و برامجه لیست كبرامج التعلیم الأول.
وفي عام 1954 سجل 179 طالبا جزائریا من أصل 528 بجامعة الجزائر في شعبة الحقوق و165 في شعبة الآداب، و66 في الطـب و 133فـي العلوم.
وحسب الدكتور عبد اللطیف بن آشنهو فالوضعیة العامة للتعلیم في الجزائر قبل الاستقلال ظلت تابعة لحاجات و تراكم رأس المال ، كما أن المضمون الاجتماعي للتعلیم منذ سنة 1930 تمثل في فئات اجتماعیة محددة تنتمي إلى أبناء الملاك العقاریین والتجار و القادة و الأغوات والباشوات ، حيث أن الغالبیة العظمى من الجزائریین ظلت بعیدة عن المدرسة الفرنسیة خاصة أطفال الفلاحین الفقراء.
كاد التعلیم التقني العالي أن يقتصر على الأوروبیین فقط، ففي عام 1953 كانت المدرسة الوطنیة للزراعة تضم 120 طالبا كلهم أوروبیین، والمدارس الوطنیـة الثلاث( التقنیة والتجاریة و الصناعیة ) تضم 355 طالبا منهم 9 فقط من الجزائریین .
وفي عام 1954 سجل 179 طالب جزائری من أصل 528 بجامعة الجزائر في شعبة الحقوق و165 في شعبة الآداب، و66 في الطـب و 133فـي العلوم.
فئة «أولاد الفقراء» استبعدت من التعلم
خرج الاستعمار من الجزائر غداة الاستقلال تاركا الاقتصاد الجزائري والمصالح الاجتماعیة والإداریة دون إطارات كفؤة، لهذا كانت الحاجـة كبیرة إلى إطارات في كل التخصصات والمستویات، وكان على المدرسة الجزائریة سد هذا الفراغ إضافة إلى الفقر والحرمان، حيث لبى بعض الجزائريين الذين يحسنون القراءة والكتابة نداء قيادة الثورة لتعليم الجزائريين، كما تم الاستعانة بأشقاء عرب مصريين وسوريين وعراقيين.
نالت التربیة في الجزائر المستقلة حصة الأسد من الاهتمام بإنتشار هیاكل التعلیم بعد الاستقلال وخاصة في عهد الرئیس الراحل هـواري بومدین الذي كان یطمح إلى رفع مكانة الجزائر على كل المستویات و الأصعدة.
نالت التربیة في الجزائر المستقلة حصة الأسد من الاهتمام بإنتشار هیاكل التعلیم بعد الاستقلال و خاصة في عهد الرئیس الراحل هـواري بومدین الذي كان یطمح إلى رفع مكانة الجزائر على كل المستویات و الأصعدة ، وكان ذلك غیـر ممكن دون إعطاء دفع قوي للتعلیم ، و تـوفیر احتیاجاته مـن الهیاكل و الإطارات ، بما في ذلك جلب المتعاونین الفنیین من بعض الدول العربیة والأوربیة .
قامت الدولة الجزائرية بإعطاء دفع قوي للتعلـیم مـن خلال عملیة واسعة لبناء المدارس فـي القرى ، حیث عملت على تقریب المدارس من التجمعات السكنیة النائیة ، وتنظيم التعليم خلال الفترة 1962-1969.
قسم التعلیم غداة الاستقلال إلى مرحلتین و هما مرحلة التعلیم الابتدائي و مرحلة التعلـیم العام ، وهـو ما صار یعرف من بعد بمرحلة التعلیم المتوسط ، و في أول دخول مدرسي تم في أكتوبر 1962 اتخذت وزارة التربیة آنذاك قرارا یقضي بإدخال اللغة العربیة في جمیع المدارس الابتدائیة بنسبة سبع ساعات في الأسبوع، و قد تم توظیف 452.3 معلما للعربیـة ،و450.16 للغـة الأجنبیة منهم عـدد كبیر مـن الممرنين قصد سـد الفراغ الـذي أحدثـه عمدا أكثـر مـن 10ألاف معلم فرنسي غادروا بلادنا بصفة جماعیة.
زیادة علـى 425 معلم جزائري من مجموع 2600 انقطعوا عن التعلیم لیلتحقوا بقطاعات أخرى وأسندت لهؤلاء المعلمین المبتدئین مهمة التـدریس بعـد أن تدربوا في ورشات صیفیة ، و فـي انتظار وضع إصلاح شامل یتناول بنایات التعلیم ومضامینه و طرائقه ، أجریت على التعلیم تحویرات مختلفـة منـذ سـنة 1962.
شكلت لجنة وطنیة عقدت اجتماعها الأول في (15ديسمبر 1962) حددت الاختیارات الوطنیة الكبرى للتعلیم ، تمثلت في التعریـب والجزأرة ودیمقراطیة التعلیم والتكوین العلمي والتكنولوجي .
ومن الإجراءات الفوریة التي اتخذت هي الإطار الوطني الجزائري الذي وضع فیه التعلیم في بلاد استعادت سـیادتها وحریتها واستقلالها، وأعادت الاعتبار للغة الوطنیة و التربیة الدینیة والأخلاقیة والمدنیة والتاریخ والجغرافیا، وغیرها ثم شكلت لجنة وطنیة عقدت اجتماعها الأول في (15ديسمبر 1962) حددت الاختیارات الوطنیة الكبرى للتعلیم، تمثلت في التعریـب والجزأرة ودیمقراطیة التعلیم والتكوین العلمي والتكنولوجي.
شهد الدخول المدرسي الثاني بعد الاسـتقلال أي سنة 1963-1964 حملة كبیرة لتنظیم تدریس اللغة العربیة وتعمیم الإجـراءات المتخذة بهذا الشأن على جمیع المدارس الابتدائیة وتدعیمها بتعلیمات تطبیقیة، وهكذا تقرر تعریب السنة الأولى الابتدائیـة تعریبا كاملا بتوقیت 15 ساعة في الأسبوع، یتعلم التلامیذ بالعربیة كل المواد المبرمجة وكان توقیت السنوات الأخرى یحتوي على 30 ساعة أسبوعیة منها عشر ساعات للغة الوطنیة .
استلزمت هذه الإجراءات مجهودات ضخمة لتوفیر العدد الكافي مـن المعلمین لأن اللغة العربیة كانت غریبة في وطنها في عهـد الاستعمار ومحكوم علیه بــالهجر حیث أنها لم تدرس كلغة أجنبیة لمدة 03 ساعات في الأسبوع إلا في مدارس قلیلة العدد موجودة بأحیاء كان یطلق علیها آنذاك إسم الأحیاء العربیة، كمـا شرع في تطبیق مبدأ دیمقراطیة التعلیم بفتح أبواب المؤسسات لكل من كان في سن السادسة وحتى للذین سـبق أن حرموا من حقهم في التسجیل، وكان التلامیذ في السنة الأولى من التعلیم الابتدائي وهم في سن التاسعة أو العاشرة إذ لم تعـط لهم الفرصة قبل الاسـتقلال لیلتحقـوا بالمدرسة في الوقت المناسب.
في أكتوبر 1967 طبق القرار القاضي بتعریب السـنة الثانیة الابتدائیة تعریبا كاملا تـدرس كل المواد المبرمجة باللغة العربیة وحدها و بتوقیت 20 ساعة في الأسبوع.
وفي أكتوبر 1967 طبق القرار القاضي بتعریب السـنة الثانیة الابتدائیة تعریبا كاملا تـدرس كل المواد المبرمجة باللغة العربیة وحدها وبتوقیت 20 ساعة في الأسبوع، وقد ارتفع عدد التلامیذ إلى 776.461.1 تلميذ منهم : 918 ألف ذكور و77.543 إناث )، وعدد المعلمین إلى 113.33 منهم 47.170 بالعربیة و 16.660 بالفرنسیة موزعین إلى 307.27 جزائري و 806.5 أجنبي أي نسبة 34.15 % من المجموع في التعلیم الابتدائي .
أما في السنة الثالثة الابتدائیة و ابتـداء من الموسم الدراسي 1968-1969 فتقرر تدریس مادة الحساب لمدة خمس ساعات في الأسبوع بالفرنسیة و ساعة وأربعین دقیقة بالعربیة ،الأمر الذي أحدث ضجة في الأوساط المعنیة واخـتلالا تربویا في الأقسام، فـاعتبر هـذا الإجراء فاشلا وتقرر تدریس الحساب بالعربیة وحدها ابتـداء من السنة الموالیة و مهما یكن من أمر یمكن تمییز هـذه المرحلة الأولى التي اسـتمرت إلى سـنة 1969 بكونها استرجعت نهائیا للغة العربیة مكانتها في النظام التعلیمي واهتمت بتدعیمها في المرحلة الابتدائیة.
وأصبحت لغة التعلیم في كل المواد، وغیرت بصـفة جذریة البرامج التعلیمیة الموروثة وتركت الكتـب المستعملة في عهد الاسـتعمار، الأمر الذي حث على وضع أكبر عـدد من الكتب الجزائریة تتماشى واختیاراتنا الأساسیة من تعمیم التعلیم وتعریبه وطابعه الدیمقراطي والعلمي وحقائق البلاد.
اهتمـت الدولة الجزائریة الفتیة عند وضع مخططات التنمیة بالمنظومة التربویة و منحتها مكانة خاصة في مشاریعها التنمویة.. فالمخطط الثلاثي الأول ( 1967-1969 ) كانت حصة قطاع التربیـة والتعلیم ما یقارب 13 % من المیزانیة العامة للدولة.
اهتمـت الدولة الجزائریة الفتیة عند وضع مخططات التنمیة بالمنظومة التربویة ومنحتها مكانة خاصة في مشاریعها التنمویة، وتتجلى مكانة المنظومة التربویة في مخططات التنمیة في الجزائـر فالمخطط الثلاثي الأول ( 1967-1969) : هـو أول مخطط بدأت به الدولة الجزائریة عهدا للتخطیط ولقد كانت حصة قطاع التربیـة والتعلیم في هذا المخطط ما یقارب 13 % من المیزانیة العامة للدولة.